قالت الكاتبة الفرنسية ميرييل أوغري-ميرلينو، إن سلسلة المحاضرات للتعريف بالكتاب الأفارقة، المنظمة في طرف كرسي الآداب والفنون الإفريقية، أحد مبادرات أكاديمية المملكة المغربية، كان موفقا جدا، باعتبار الكتاب هم شهود الحياة، وأكثر من يستطيع نقلَ الحقائق الاجتماعية والسياسية والثقافية، بغض النظر عما اختاروه من أجناس أدبية للتعبير عن ذلك.
وأضافت أوغري، خلال حديثها، يوم الأربعاء 26 أبريل، أن شهادة الضيفة الأولى، الكاتبة الملغاشية "ميشيل راكوتوسونRakotoson Michèle"، ثمينة جدا، خصوصاً أنها تتحدث عن بلدٍ مغمور، حيث تحكي قصتها الشخصية مؤكدة تشبثها بجذورها، وحاضر ومستقبل بلدها، إضافة إلى اشتغالها حالبا مع المجتمع المدني بمدغشقر.
ووصفت المتحدثة ضيفة الكرسي الأولى بكونها "امرأة ثرية معرفيا"، وتضع الكتابة كأولوية، كما أنها تهتم بالثقافة بشكل عام.
بعد هذا التقديم، انطلقت مقدمة اللقاء في حديث متبادل مع الكاتبة التي عبرت عن سعادتها بالحضور كأول ضيفة في السلسلة، مؤكدة أن الشعب الملغاشي لن ينسى يومَ استضافت مدغشقر الملك المنفي الراحل محمد الخامس، سنة 1953 موردة بالقول "كان شرفا لنا أن نستضيف ملكاً".
كما جددت الكاتبة شكرها لسلسة المحاضرات التي تنظمها أكاديمية المملكة، لافتة إلى أن الحدث خلق تفاعلا على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وصلت إلى 500 متفاعل شجعوها وساندوها معبرين عن سعادتهم لتمثيلها مدغشقر في هذا اللقاء.
وأكدت الكاتبة ميشيل أن الاستعمار أربك القارة الإفريقية، وحشر كل بلد وشعب ركن قصي، "بينما الحقيقة هو أنه هناك معركة مشتركة وتاريخ مشترك".
وعن بيبليوغرافيا الكاتبة، قالت ميشيل إنها جاءت من بيئة مرتبطة بالكتب أباً عن جد، حيث إن والدها كان صحافيا وجدتها كانت كاتبة، بينما والدتها كانت تشتغل في مكتبة، وهو ما خول لها "أن تنام وسط الكتب".
وأضافت "كنت محظوظة لأنني ولجت المدرسة، أتحدث الفرنسية والمالغاشية، ولدي توازن بين الثقافتين الفرنكفونية والمحلية. لقد وصلت إلى باريس في الثمانينات، والدافع للكتابة جاء من فترة حياتي في مدغشقر ولاشك، والتي قلت أنها كانت محاطة بالكتاب والكتّاب".
وعن الأجناس الأدبية التي تجد فيها نفسها، وأي رسالة تريد إيصالها من خلال الكتابة، قالت ميشيل أنها لا ترغب في إيصال رسالة، ولكنها ترغب في طرح أسئلة بدرجة أكبر، قبل أن تصف الأجناس الأدبية كالتالي "الكتابة هي علاج، والقصة عملية جراحية، أما الرواية مرض طويل، والسيرة هي فعل سياسي".
وعن نشاطها الجمعوي والحقوقي، بعد عودتها إلى مدغشقر، قالت الكاتبة الملغاشية أن الأمر يتعلق بمعركة مستمرة، فالبلد فقير جدا، والهدف الحالي هو تمرير الشعلة للشباب الحالي، حيث تعمل ميشيل على توزيع وتوفير الكتب في القرى الأكثر فقرا باللغتين: الفرنسية والملغاشية.
أما عن روايتها "أمباطومانغا.. الصمت والألم" فحكت ميشيل أن الرواية تتحدث عن الكثير من الآلام والآمال التي عاشها ويعيشها الشعب الملغاشي، خصوصا النساء، في ظل الاستعمار والأزمات المتتالية، والفقر المدقع.
تعمل ميشيل، من خلال شخصيات عملها الأدبي، على تشريح الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، خلال الحرب، أكثر من الحديث عن تفاصيل الحرب نفسها.
جدير بالذكر، أن أكاديمية المملكة المغربية كانت قد أحدثت كرسي الآداب و الفنون الإفريقية في شهر ماي من سنة 2022، عبر تنظيم عدة ندوات و تكريمات لأدباء أفارقة، بهدف التعرف على المخزون الأدبي الإفريقي الذي ظل طويلا في طي النسيان و الإهمال.
يشار إلى أن ضيفة السلسلة الأولى، ميشيل راكوتوسون، هي روائية و كاتبة مسرحية و صحفية وجُل كتبها تدور محاورها حول تاريخ بلدها مدغشقر، و ما يميزه من تقاليد و قيم، في حاضره و مستقبله، فضلا على أنها تسعى بالتعاون مع بعض الجمعيات المحلية ببلدها إتاحة الفرصة للاطلاع على الكتب و تشجيع القراءة في الوسط القروي. و الجدير بالذكر أن شهادتها تعتبر شهادة وازنة للتعرف على منطقة من مناطق افريقيا غفل عنها الكثيرون، رغم تاريخها العريق.
وتتوخّى الأكاديمية من تنظيمها لهذه السلسلة من المحاضرات، تقديم نبذة حول الكُتاب و الأدباء الأفارقة وإنتاجاتهم الأدبية المتنوعة ومدى انخراطهم في السجالات الفكرية الراهنة التي تعرفها القارة.