أصبحت الإجابة الاعتيادية عند السؤال عن ثمن أي عقار في المغرب تنقسم إلى شطرين: الثمن الرسمي، والثمن الذي ينبغي أن يدفع تحت الطاولة (النوار).
حوّل النوار أسعار العقارات إلى نار ملتهبة تشوي أيدي البسطاء أو الآملين في اقتناء مساكن تؤويهم، سواء كانت اقتصادية أو متوسطة.
ارتفعت أسعار الشقق بشكل مهول، دون أي حسيب ولا رقيب، في وجود هذا "النوار" الذي حول عملية شراء العقارات إلى عالم أسوَد فعلا.
ففي الأماكن التي يصل فيها الثمن التقديري للعقار إلى 9000 درهم للمتر المربع مثلا، تجد أن "النوار" قد حولها إلى 19 ألف، في استنزاف بشع وجشع لجيوب المواطنين من طرف بعض المقاولين، دون وجود أية محاولة أو وسيلة للردع.
في ظل هذا الوضع، فحتى الباحثون عن اقتناء سكن عن طريق قرض بنكي، يجدون أنفسهم أمام معادلة لا حل لها: حيث على المشتري أن يوفر قرضاً من أجل ثمن الشقة الرسمي، وقرضاً آخر من أجل دفع ثمن النوار.
وعليه، فإن كل إغراءات اقتناء العقارات بواسطة قرض بنكي تصبح بدون جدوى، ومكلفة جدا جدا، باعتبار أن المبلغ الإضافي يقارب أحيانا ثمن الشقة نفسِها!
هذه الآفة أو الظاهرة، طالت مختلف أنواع العقارات ولم تستثن طبعا السكن الاقتصادي، حيث قد يصل ثمن شقة الـ25 مليون سنتيم إلى 38 أو حتى 40، مما يجعلها تنتقل من سكن اقتصادي إلى سكن متوسط.
طبعا، في حالة التورط في كل هذا، فإن النتيجة تكون محبطة جدا للمشتري، نظرا لأن هذا السكن، كما صار معلوماً لدى الجميع، غير لائق البتة، وهو عبارة عن صناديق إسمنتية حقيقية لا ينفك ساكنوها يشتكون من أعطابها وعيوبها التي تحول الإقامة فيها إلى جحيم حقيقي، وإلى تجمعات سكنية قد تفرز ظواهر مجتمعية أخطر بكثير مما يمكن تصوره.