بمجرد إعلان نتائج امتحانات البكالوريا توجهت أضواء الكاميرات مباشرة نحو الناجحين، وخصوصا نحو المتفوقين والحاصلين على أعلى المعدلات.
والاحتفاء بالمتفوقين أمر مطلوب ومرغوب طبعا، تشجيعا لهم من جهة، ولمن سيأتي بعدهم، كي يعرف أن للنجاح مكافأة وأنه يستحق التعب.
لكن، في خضم كل هذا الصخب الجميل، يختفي صمت حزين قد يكون خطيرا في عدد من البيوت المغربية، إنه صمتُ الرسوب وحزن الإخفاق.
فهل كل هؤلاء الراسبين كسالى فعلا ومهملون، ولا يبدون أي اهتمام بدرساتهم، أم أن هناك من بينهم من بذل جهده فعلا لكن قدرته في الامتحانات محدودة، وذلك هو مبلغه من الاجتهاد والعلم؟
أكيد أن هناك الآلاف من هؤلاء، وهم متواجدون في عدد كبير من بيوت المغاربة، حتى تلك التي تضم متفوقين ومتفوقات.
فكيف ينبغي التعامل مع هؤلاء دون إظهار اللامبالاة من جهة، ودون المبالغة في التوبيخ والضغط النفسي الذي قد ينتج للأسف مشاكل وكوارث اجتماعية خطيرة جدا.
إن الشاب الراسب الذي يسمع التقريع من والديه ومحيطه بسبب فشله، في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يدخل النت ليجد نفسه أمام احتفاء بالمتفوقين، سيتعرض لشحنات نفسية سلبية رهيبة وضاغطة قد لا يتحملها فعلا، وكم من حادثة طالعناها في هذا الشأن.
ثم إن اللوم والتأنيب ليس دافعا إطلاقا، بل هو قهر نفسي ولفظي يؤدي إلى التقهقر دراسيا، كما هو مثبت نفسيا وعلميا، ولا يحتاج إلى دلائل.
لكن من المؤكد أن الكثير من الأسر المغربية لا تتوفر على الوعي الكافي لاحتواء هؤلاء الراسبين، والتعامل معهم بلطف وبتشجيع لتقديم الأفضل، أو حتى التركيز على نقاط قوتهم، والتي قد تكون شيئا آخر غير الدراسة !
أي نعم، ليس من المفترض أن يكون الجميع متفوقين دراسيا، فهناك من يبرع في مهنة بعينها، وهناك من يبرع في رياضة.. وهناك وهناك..
إذن فالراسبون دراسيا ليس فاشلون بالضرورة، بل هم متفوقون في مجالات أخرى يبقى دور المؤسسات التعليمية التنقيب عليها خلال الموسم الدراسي بمساعدة الأسر.
هكذا يصبح حدث إعلان النتائج، مجرد حدث عادي بقليل من الترقب، وليس كارثة محدقة بهؤلاء المذبذبين بين أمل النجاح واحتمال الرسوب.