أثبتت الفرق الإفريقية لوليد الركراكي أن الأمور ليست على ما يرام في المنتخب كما كان يعتقد، ويعتقد الجمهور المغربي كله في الحقيقة.
فباستثناء إنجاز كأس العالم، يبدو أن الناخب الوطني يجد صعوبة كبيرة في إيجاد الحل السحري، وتوظيف "النية" في المباريات الماضية.
عقم كبير على مستوى الهجوم، وأهداف سهلة تدخل الشباك وتقصي المنتخب من كأس إفريقية كان يطمح إلى العودة بها لا محالة.
ظاهريا، يبدو أنه لا مشكلة هناك: لدى المنتخب لاعبون من الطراز الرفيع، ومع الإضافات الجديدة (دياز وبن صغير ورحيمي)، يمكن أن نقول بملء أفواهنا أن لدينا منتخبا "عالميا".
فأين تكمن المشكلة إذن؟
من الظلم ومن السابق لأوانه أن نضع كل البيض في سلة الركراكي، لكن من الواضح أن هناك شيئا أو أشياء ليست على ما يرام، ولها علاقة بخطة اللعب خصوصا.
لقد كانت خطة "ركن الحافلة" ناجحة جدا، وخنق الخصوم في كأس العالم كان وسيلة جيدة إلى أبعد حد أمام منتخبات لم تكن تعرف الكثير عنا، وتلعب وهي تسارع نحو شباكنا للتسجيل.
في وضع كهذا، لم يكن على لاعبي الركراكي سوى استغلال الثغرات، واستثمار الهجمات المضادة، حتى لو كانت هجمة مضادة واحدة.
أما بعد كأس العالم، فقد أصبح التعامل مع المنتخب المغربي مختلفا، والخطة التي خدع بها الركراكي منتخبات كبرى انقلبت عليه، وأصبح يجد نفسه مطالبا بالهجوم والاندفاع أمام منتخبات عرفت كيف تستغل هفوات كتيبته، وتذيقه من نفس الكأس التي أذاق منها بلجيكا وإسبانيا والبرتغال وكندا.
وربما، أيضا، كان من سوء حظ الركراكي أن تكون المنافسة التي تلي كأس العالم هي كأس إفريقيا، وهي كأس لا تحبنا كثيرا، ولا يجاورنا فيها التوفيق طيلة عقود.
فلا ينبغي أن ننسى أن هذا الأخير، استطاع الانتصار على البرازيل نفسها في مباراة ودية في طنجة، بعد كأس العالم مباشرة.
ما قد يحتاجه الركراكي الآن، في ورطته الصعبة هذه، هو الكثير من الهدوء والتركيز، والانفتاح على النصائح وطلب الاستشارة، وعدم التشبث بصلابة "راس لافوكا" التي كان يفتخر بها أكثر من مرة وهو يقول أنه "ما كايديهاش على المغاربة".
صحيح أن الجمهور ليس محللا متخصصا، وأن العاطغة تغلبه، لكنه أحيانا كثيرة قد يصيب في ملاحظاته، والفاشل فقط هو من لا يستمع ولا يتغير.
يحتاج الركراكي، هنا والآن، لمباراة جديدة، ضد فريق يفضل أن يكون أمريكيا أو أوربيا، لاستعادة روح مونديال قطر (روحه وليس خطته أو تركيبته نفسها)، ثم بعدها إعادة تقييم شاملة، من أجل انطلاقة جديدة مختلفة، وإلا فإن رحيل الركراكي لن يصيرَ مستبعدا أبداً.