اعتبر الكاتب سمير بنيس، في مقال له حمل العنوان أعلاه، أن قرار الجزائر بوقف العمل بأنبوب الغاز الذي يربطها بإسبانيا والبرتغال عبر المغرب، "هدية ربانية من الجزائر للمغرب".
فهذا القرار، وفق مقال بنيس، وهو خبير سياسي ومهتم بالشؤون الديبلوماسية، قلل من اعتماد إسبانيا على الغاز الطبيعي الجزائري، علماً أن الغاز الذي كان يمر من المغرب كان يمثل 20 في المائة من الغاز الذي تستورده إسبانيا من الجزائر.
وأضاف بنيس أن هذا القرار أثبت للمسؤولين في الدولة الاسبانية أن الجزائر لم تعد دولة جديرة بالثقة ويمكن الاعتماد عليها للاستجابة لاحتياجات السوق الاسباني من الغاز، موردا أنه، بسبب رعونة وغباء جنرالات الجزائر، "لم تعد الجزائر هي أول مورد للغاز لإسبانيا، بل الولايات المتحدة الأمريكية التي مدت إسبانيا بما يقارب 39 من احتياجاتها من الغاز حسب إحصائيات شهر فبراير".
هذه التحولات، يضيف الكاتب، هي التي دفعت إسبانيا لأول مرة إلى التعبير بشكل واضح عن دعم المغرب ووضع حد لسياسة أخذ العصى من الوسط أو equidistance التي نهجتها إسبانيا خلال العقود الماضية للحفاظ على مصالحها.
فإسبانيا تعلم بأنه باستثناء الغاز، فإن شراكتها مع الجزائر شبه منعدمة، "كما أن ميزان الأداء التجاري كان دائما لصالح الجزائر، بالمقارنة مع المصالح الكثيفة والمتعددة التي تجمع إسبانيا مع المغرب سواء تعلق الأمر بالجانب الاقتصادي والتجاري أو بالجانب الأمني والمصير المشترك بحكم القرب الجغرافي" بتعبير بنيس.
الكاتب اعتبر أيضا أن هامش مناورة الجزائر، على عكس ما يظنه البعض وما تقوله بعض الصحف الاسبانية، أصبح منعدماً، "ولن يكون بإمكانها اتخاذ أي قرار عقابي ضد إسبانيا. كل من يظن أن بإمكان الجزائر أن توقف تدفق الغاز لإسبانيا فهو يجانب الصواب".
ولفت بنيس الانتباه إلى أن الجزائر مرتبطة مع إسبانيا بالاتفاق الذي وقعته مع هذه الأخيرة عام 2018 بخصوص أنبوب ميدغاز الذي يربط مدينة بني ساف الجزائرية بمدينة ألمرية الاسبانية، والذي تمتد صلاحيته إلى غاية عام 2030.
وعليه "فلن يكون بإمكان الجزائر وقف الغاز لإسبانيا ولا حتى بمراجعة شروطه المالية وأقلمتها مع الارتفاع الحالي لأسعار الغاز. وفي حال قامت بذلك- ولن تقوم بذلك- فإنها ستخالف القانون الدولي الذي يؤطر هذه العقود بين الدول".
إضافة إلى كل هذا، كشف الكاتب أن أنبوب الغاز ميدغاز مملوك بنسبة 51 في المائة من طرف شركة سوناتراك الجزائرية، بينما تتقاسم شركة ناتورجي الاسبانية وشركة بلاكروك الأمريكية الـ49 في المائة المتبقية، "وبالتالي، ففي حال قامت الجزائر بأي خطوة انتقامية ضد إسبانيا، فإنها ستكون في مواجهة مباشرة أمام الولايات المتحدة الأمريكية".
وخلص الكاتب إلى أن الجزائر، بفعل الحقد الأعمى لنظامها وغياب أي تصور استراتيجي لديهم، فإنهم قدموا إسبانيا للمغرب فوق طبق من ذهب وحققوا لهذا الأخير ما كان يتمناه منذ عقود، معتبرا أن ما حدث "عقاب رباني لهذا النظام الغاشم الخائن على خياناته المتكررة للمغرب وعلى جحوده وعلى عمله لستة عقود على خدمة المنظومة الاستعمارية عوض مد يده للمغرب للتعاون من أجل بناء اتحاد مغاربي يخدم مصالح شعوب المنطقة ويجعل من دولها قوة إقليمية قادرة على لعب الدور الذي يليق بها وبتاريخها على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي وعلى التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية".