تفيد الأرقام الرسمية أن عدد طلبات دعم السكن تجاوز 65 ألف، وأن منهم 8500 توصلوا فعلا بالدعم لاقتناء سكنهم بالمغرب.
رقم يرى منعشون عقاريون أنه يفضل التعامل معه بشيء من الحذر، لأنه يخص المساكن التي تم بناؤها قبل إطلاق هذا البرنامج، بينما لا زال المستقبل والمشاريع الجديدة لم تظهر كل ما لديها.
النوار.. هاجس مؤرق
وعموما، سواء بدعم السكن أو بدونه، يبقى هاجس "النوار" صداعا حقيقيا في رأس الراغبين في اقتناء شقق جديدة بالمغرب، ولعل وتيرته تزداد أكثر بعد الإقبال على دعم السكن.
وإن كانت الإجابة الاعتيادية عند السؤال عن ثمن أي عقار في المغرب تنقسم إلى شطرين: الثمن الرسمي، والثمن الذي ينبغي أن يدفع تحت الطاولة (النوار)، فإنها الآن ستضيف إلى العملية الدعم الذي سيحصل عليه المواطن، والذي قد يعتبره السماسرة أفضل "نوار" قد يحصلون عليه.
فما دام المواطن سيحصل على دعم، مثلا، بمئة ألف درهم، فإن ثمن العقار الذي يساوي 25 مليون سنتيم، سيبقى كما هو، على أن يتم اعتبار الدعم هو "النوار"، أما كيف تتم العملية فهو ما لا يجد السماسرة صعوبة في التحايل عليه.
أما بخصوص السكن المتوسط، فوق خبراء في المجال العقاري، فإن هناك شققا تتجاوز السبعين مليون سنتيم بقليل، سيتم في الغالب توظيف حيلة "النوار" فيها، من خلال اعتماد مبلغ 70 مليون في الأوراق الرسمية على أن يتم دفع ما تبقى تحت الطاولة، أو عبرَ دعم السكن نفسه (70 ألف درهم).
الأمل الوحيد، وفق المتخصيين، هو المنافسة التي قد تخلق عند دخول المنعشين الصغار إلى السوق، والتي قد تجعل الخيارات عديدة أمام المواطن، وبالتالي يكون في حلّ من "النوار"، مع توقعات بأن ذلك لن يحصل إلا على المدى المتوسط أو البعيد.
ضرورة تدخل الدولة
لقد حوّل النوار أسعار العقارات إلى نار ملتهبة تشوي أيدي البسطاء أو الآملين في اقتناء مساكن تؤويهم، سواء كانت اقتصادية أو متوسطة، وكان الأمل معلقا على دعم السكن أن يخفف ولو قليلا من لهيبها، لكن بدون أن يتم حصار هذه الظاهرة، يبقى الأمر بعيد المنال فعلا.
وينبغي التنبيه إلى أن أغلب الحاصلين على دعم، سيكملون المبلغ المتبقي عن طريق قرض بنكي، حيث كانوا في السابق يجدون أنفسهم أمام معادلة لا حل لها: حيث على المشتري أن يوفر قرضاً من أجل ثمن الشقة الرسمي، وقرضاً آخر من أجل دفع ثمن النوار.
أما الآن، فربما يكون طوق النجاة الوحيد هو الدعم الذي سينتقل إلى أيدي السماسرة للأسف.
وعليه، فإن كل إغراءات اقتناء العقارات بواسطة قرض بنكي، وبدعم السكن، تصبح مرهقة ومكلفة للأسر البسيطة التي من أجلها تم طرح مشروع "دعم السكن".
هذه الآفة أو الظاهرة، طالت مختلف أنواع العقارات ولم تستثن طبعا السكن الاقتصادي، حيث قد يصل ثمن شقة الـ25 مليون سنتيم إلى 38 أو حتى 40، مما يجعلها تنتقل من سكن اقتصادي إلى سكن متوسط، ويصبح بالتالي دعم السكن بدون جدوى.
ويطالب أغلب المواطنين الراغبين في اقتناء شقق بضرورة تدخل الدولة بشكل حاسم وحازم من أجل محاصرة هذه الظاهرة، وبالتالي إمكانية استفادتهم من دعم حقيقي.