هي واحدة من المعضلات الحقيقية التي تنتشر في مختلف مدن المغرب منذ عقود، دون اتخاذ حلول جذرية لمحاربتها، باستثناء حملات تشن هنا وهناك من حين لآخر، ما تلبث أن تعود الحالة بعدها كما كانت، أو أسوأ.
يعاني الراجلون كثيرا من هذه الظاهرة، التي قد لا تترك انزعاجا في النفوس فقط، بسبب احتلال الأرصفة من طرف المقاهي والمطاعم خصوصا، بل أيضا قد تتسبب بحوادث غير ما مرة.
ففي مختلف شوارع المدن المغربية، رئيسيةً كانت أو جانبية، يصعب المشي على الرصيف دون أن تقابل مجموعة من الكراسي أو المعروضات التي تشغله بشكل كامل وتجبرك على الخروج إلى طريق السيارات، مهددا سلامتك الجسدية، وربما حياتك.
وبالتالي، فإن احتلال الأرصفة، أو الملك العمومي، ليس مجرد ظاهرة مزعجة، بل ظاهرة خطيرة قد تكون ذات تأثير مباشرة على صحة وحياة المواطن.
وبالنسبة للمجالس الجماعية، فإن منطق التبرير والبحث عن أعذار يبقى سيد الموقف خصوصا في ظل غياب الرؤية والجرأة والاعتماد على مبدأ "كم من حاجة قضيناها بتركها".
كما أن الإرادة السياسية لدى أغلب المجالس الجماعية غائبة في رصد ومراقبة وتفعيل دورها القانوني ومهامها كشرطة وسلطة إدارية، إما بسبب البعد الانتخابوي ،نظرا لأن الظاهرة تنتشر في المعاقل الانتخابية الشعبية، ومن جهة أخرى شد الحبل مع السلطة لاعتبارات سياسوية، باعتبار السلطة هي المسؤولة، أحيانا أخرى.
من جهتها، تقوم السلطات بحملات كثيرة، لكنها تبقى محدودة إما بالزمان أو بالمكان، ولا تنجح في الاستمرار إلا نادرا.
وتبقى آخر هذه التجارب، أو الحملات، مبادرة أسواق القرب، التي نجحت في البداية، ونجحت في إبعاد الباعة الجائلين، أو الفراشة، لكن تدريجيا، عادت الحالة إلى ما كانت عليه، وبقيت أسواق القرب مهجورة.
لا ينحصر احتلال الملك العمومي على ما ذكر آنفا، فهناك، على سبيل المثال لا الحصر أوراش البناء، وعرقلة الشارع العمومي، وتحويل بعض الشوارع إلى محطات لركن الحافلات والشاحنات الكبرى ومحطات لسيارات الأجرة الكبيرة.
يبقى في الأخير جزئية هامة جدا، وهو أن احتلال الملك العمومي يكون أحيانا حلا اجتماعيا لعدد من الأسر التي تعتاش منه بشكل مباشر (البيع في الشارع)، أو بشكل غير مباشر، من خلال زيادة مداخيل المقاهي أو المطاعم من خلال زيادة مساحة الانتشار، وهنا تزداد الأمور صعوبة فعلا في وجه السلطات، ويبقى الحل الجذري والمستدام أولا، قبل اتخاذ قرار القطع تماما مع هذه الظاهرة.