من جديد، يرسل الملك محمد السادس مساعدات إلى قطاع غزة، وعن طريق المعبر البري، في مبادرة فريدة من نوعها، لم تسبقها ولم تلحقها أية مبادرة شبيهة. هذه المرة حملت الطائرات المغربية، بأمر ملكي، مساعدات طبية إلى السكان الفلسطينيين في غزة، مكونة من أربعين طناً من المواد الطبية، شملت على الخصوص معدات لعلاج الحروق، والطوارئ الجراحية وجراحة العظام والكسور، وأدوية أساسية.
تم إيصال المساعدات المغربية عبر نفس الطريق البري غير المسبوق الذي تم اتباعه خلال عملية إرسال المساعدات الغذائية، بتعليمات من الملك، في شهر رمضان الأخير. تأتي هذه العمليات الإنسانية لتؤكد الالتزام الفعلي والعناية المستمرة التي يقدمها الملك للقضية الفلسطينية، بعيداً عن الشعارات والكلام الرنان الذي لا يؤتي أكله ولا ينفع في شيء.
إشادة فلسطينية
تعليقاً على هذه المبادرة، أكد وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية، أشرف الأعور، أن هذه العملية "سيكون لها أثر كبير في نفوس الساكنة". وأضاف المتحدث، على هامش حضوره افتتاح مركز "بيت المقدس" للبحوث والدراسات: "نتقدم بشكرنا وتقديرنا للملك وللشعب المغربي على هذه المساعدات، التي سيكون لها أثر كبير في نفوس إخواننا وأبنائنا وشعبنا في قطاع غزة".
وتابع الوزير الفلسطيني بأن جهود المغرب، بتعليمات وتوجيهات الملك، لها دور كبير في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في هذه الظروف العصيبة، لافتاً إلى أن هذه المساعدات ليست الأولى من نوعها، إذ سبقتها مساعدات تم إرسالها ودخلت إلى قطاع غزة.
كما ثمن الأعور الدور المهم والدائم للملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وتوجيهاته لوكالة بيت مال القدس الشريف، التي تعزز صمود المقدسيين من خلال مشاريع تستهدف العديد من القطاعات كالتعليم والصحة، ولها دور إيجابي وفاعل في استمرار عمل عدد من المؤسسات في المدينة المقدسة.
وصمة عار على جبين الإنسانية
وكان الملك محمد السادس قد اعتبر، ضمن الخطاب الذي وجهه إلى القمة الـ15 لمنظمة التعاون الإسلامي بالعاصمة الغامبية بانجول يوم السبت 4 مايو، أن العدوان الغاشم على غزة، الذي جعل الشعب الفلسطيني يعيش أوضاعاً بالغة الخطورة، "يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية"، مشيراً إلى أن "ما يزيد من تفاقم هذه الأوضاع هو ارتفاع وتيرة الاعتداءات الممنهجة من طرف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، بإيعاز من مسؤولين حكوميين إسرائيليين".
وانطلاقاً من مسؤوليته كعاهل للمملكة المغربية وبصفته رئيساً للجنة القدس، قال الملك محمد السادس في الخطاب ذاته الذي تلاه أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: "نكرر بإلحاح مطلبنا بضرورة الوقف الفوري والمستدام والشامل لهذا العدوان غير المسبوق، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بأكمله".
كما أشار العاهل المغربي في الخطاب ذاته إلى أنه أمام هذه الكارثة الإنسانية، التي لم يشهد لها عالمنا المعاصر مثيلاً، "بادرنا، بصفتنا رئيساً للجنة القدس، وانطلاقاً من واجب التضامن الذي يؤطر عمل منظمتنا، وإسهاماً في جهود الإغاثة والعون التي تقوم بها الدول الشقيقة والصديقة، بتأمين إيصال كميات مهمة من المساعدات إلى إخواننا الفلسطينيين، مباشرة إلى غزة والقدس، وعن طريق معبر رفح، بتنسيق مع السلطات المصرية، وبالرغم من الصعوبات، نعزز العمل الميداني الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس، بتوجيهات منا وتحت إشرافنا، لإنجاز مشاريع اجتماعية واقتصادية لفائدة الساكنة المقدسية، وتقديم الدعم لبعض المستشفيات".
أكثر الدول اهتماماً بشؤون القدس
في أواخر شهر أبريل الماضي، أكد وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية، أشرف الأعور، أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، "يعد من الدول العربية والإسلامية الأكثر اهتماماً وعناية بشؤون القدس".
وأشاد المسؤول الفلسطيني، خلال استقباله لسفير المملكة في رام الله عبد الرحيم مزيان، بالدور المغربي في حماية المعالم الإسلامية والعربية للقدس الشريف ودعم صمود ساكنتها، مشدداً على الدور المركزي الذي تقوم به لجنة القدس، برئاسة الملك محمد السادس، في حماية المدينة المقدسة من سياسات التهويد.
كما نوه في هذا الصدد بالعمل الكبير لوكالة بيت مال القدس في تثبيت صمود المقدسيين ومساعدتهم، معرباً، باعتباره أحد أبناء مدينة القدس، عن مدى اعتزاز الساكنة المقدسية ورضاها على الخدمات التي تقدمها لهم الوكالة.
وأبرز التقدير الذي يكنه الوزراء الفلسطينيون الذين تعاقبوا على رأس القطاع المكلف بشؤون القدس للمملكة، معرباً عن تطلعه لعقد شراكات وتوأمات بين مدينة القدس ومدن مغربية، وإعداد برامج مشتركة تهدف إلى الاستفادة من التجربة المغربية في ميدان المحافظة على التراث العربي والإسلامي بالمدينة المقدسة، وكذا بحث إمكانية وضع خطط مشتركة لتمكين العائلات المقدسية من الصمود في وجه مخططات التهويد المستمرة.