لم تتوقف المملكة المغربية يوما عن دعم القضية الفلسطينة، قولا وفعلا، من خلال عدد من المبادرات التي يقودها الملك محمد السادس.
وقد تجلى هذا واضحا السنة الماضية، خصوصا بعد تاريخ 7 أكتوبر 2023 وما تعرض له قطاع غزة من تدمير ممنهج وعدوان إسرائيلي سافر أباد البشر والحجر.
فقد أظهرت المملكة المغربية أنها تكون دائما في الموعد مع التاريخ، وعلى أرض الواقع، وتسجل مواقف مشرفة جدا، يشهد لها بها أهل فلسطين أنفسهم قبل غيرهم.
وصمة عار على جبين الإنسانية
اعتبر الملك محمد السادس، ضمن الخطاب الذي وجهه إلى القمة الـ15 لمنظمة التعاون الإسلامي بالعاصمة الغامبية بانجول يوم السبت 4 ماي، ، أن العدوان الغاشم على غزة، الذي جعل الشعب الفلسطيني الأبي يعيش أوضاعا بالغة الخطورة، "يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية"، مسجلا أن "ما يزيد من تفاقم هذه الأوضاع ارتفاع وتيرة الاعتداءات الممنهجة من طرف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، بإيعاز من مسؤولين حكوميين إسرائيليين".
وانطلاقا من مسؤوليته كعاهل للمملكة المغربية وبصفته رئيسا للجنة القدس، قال الملك محمد السادس في الخطاب ذاته الذي تلاه أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: "إننا نكرر بإلحاح مطلبنا بضرورة الوقف الفوري والمستدام والشامل لهذا العدوان غير المسبوق، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بأكمله".
كما سجل العاهل المغربي، ضمن الخطاب ذاته، أنه، أمام هذه الكارثة الإنسانية، التي لم يشهد لها عالمنا المعاصر مثيلا، "بادرنا، بصفتنا رئيسا للجنة القدس، وانطلاقا من واجب التضامن الذي يؤطر عمل منظمتنا، وإسهاما في جهود الإغاثة والعون التي تقوم بها الدول الشقيقة والصديقة، بتأمين إيصال كميات مهمة من المساعدات إلى إخواننا الفلسطينيين، مباشرة إلى غزة والقدس، وعن طريق معبر رفح، بتنسيق مع السلطات المصرية. وبالرغم من الصعوبات، نعزز العمل الميداني الذي تضطلع به وكالة بيت مال القدس، بتوجيهات منا وتحت إشرافنا، لإنجاز مشاريع اجتماعية واقتصادية لفائدة الساكنة المقدسية، وتقديم الدعم لبعض المستشفيات".
أول المساعدات برا
في شهر الماضي، أمر الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بتوجيه مساعدات لفائدة سكان غزة ومدينة القدس الشريف، عن طريق البر.
مبادرة تميزت بطابعها غير المسبوق، وجاءت حينها كبلسم لقلوب السكان من أجل التخفيف من معاناتهم، مع بداية شهر رمضان المبارك.
ويتم نقل هذه المساعدة الإنسانية واسعة النطاق عن طريق البر إلى غزة، مما جعل المغرب أول دولة تحقق هذا الإنجاز الاستثنائي منذ اندلاع الأعمال العسكرية، فقد كانت المساعدات الموجهة لسكان غزة تمر إما عن طريق مصر، عبر معبر رفح، أو يتم إسقاطها من الطائرات.
هذا الخيار الأخير كان ينطوي على العديد من المخاطر، بما في ذلك إتلاف المواد الغذائية وسقوط الشحنات الذي يتسبب في وقوع ضحايا بين السكان.
واستهدفت المساعدة المغربية، التي تزامنت مع حلول شهر رمضان المبارك، بالدرجة الأولى الأطفال والنساء والأشخاص المسنين، مما منحها روحا إضافية في الشهر الفضيل الذي تسود فيه قيم التآزر والتقاسم.
وقد أثبتت تلك العملية الإنسانية العناية الموصولة التي يوليها الملك، رئيس لجنة القدس، للفلسطينيين ولقضيتهم، كما أنها جاءت في إطار التضامن الفعال الذي دأب عليه المغرب منذ أمد طويل.
وفي إطار هذه التقاليد التضامنية العريقة، تفضل الملك بالتكفل، من مال جلالته الخاص، بجزء كبير من هذه المساعدة، لاسيما تلك الموجهة للرضع والأطفال الصغار.
وقد تكونت المساعدة المذكورة من أزيد من 40 طنا من المواد الغذائية، بما فيها المواد الغذائية الأساسية، الموجهة إلى سكان غزة.
وبالنسبة لسكان القدس، تم توزيع 2000 سلة غذائية، وتقديم 1000 وجبة يوميا، إضافة إلى إقامة غرفة لتنسيق الطوارئ بمستشفى القدس.
أكثر الدول اهتماما بشؤون القدس
في أواخر شهر أبريل الماضي، أكد وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية، أشرف الأعور، أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، "يعد من الدول العربية والإسلامية الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس".
وأشاد المسؤول الفلسطيني، خلال استقباله لسفير المملكة برام الله عبد الرحيم مزيان، بالدور المغربي في حماية المعالم الإسلامية والعربية للقدس الشريف ودعم صمود ساكنتها، مشددا على الدور المركزي الذي تقوم به لجنة القدس، برئاسة الملك محمد السادس في حماية المدينة المقدسة من سياسات التهويد .
كما نوه في هذا الصدد بالعمل الكبير لوكالة بيت مال القدس في تثبيت صمود المقدسيين ومساعدتهم، معربا، باعتباره أحد أبناء مدينة القدس، عن مدى اعتزاز الساكنة المقدسية ورضاها على الخدمات التي تقدمها لهم الوكالة.
وأبرز التقدير الذي يكنه الوزراء الفلسطينيون الذين تعاقبوا على رأس القطاع المكلف بشؤون القدس للمملكة، معربا عن تطلعه لعقد شراكات وتوأمات بين مدينة القدس ومدن مغربية ، وإعداد برامج مشتركة تهدف الى الاستفادة من التجربة المغربية في ميدان المحافظة على التراث العربي والإسلامي بالمدينة المقدسة، وكذا بحث إمكانية وضع خطط مشتركة لتمكين العائلات المقدسية من الصمود في وجه مخططات التهويد المستمرة.