4800 شخصاً خارج أسوار السجن، تعني حياةً جديدة لهم ولأسرهم، تعني أملاً وميلاداً جديدا لآلاف العائلات، بعد أن كان الصمت قد أطبق بثقله على الملف، ولم يعد أحد يتحدث عنه.
جاء العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي في الوقت المناسب كمبادرة إنسانية هزت قلوب المعنيين بها، وقلوب المغاربة أيضا، خصوصا أمام العدد الضخم للمعفي عنهم، وما سيترتب عنه من آثار إيجابية على حياة الكثيرين.
لا يخفى على أحد الجانب الإنساني في الموضوع، والميلاد الجديد الذي ستشهده حياة المزارعين وأسرهم، من بينهم أيضا المبحوث عنهم والمدانين، لكن أيضا تتمثل أهمية هذا العفو في التوقيت المثالي.
فخروج المزارعين في هذه الفترة يأتي وقد تم إطلاق الاستراتيجية الجديدة بالأقاليم المعنية بعد تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.
وعليه، فإن عودة المزارعين ستكون ذات جدوى، وسيتمكنون من الاندماج ضمن هياكل وآليات مؤسساتية تعمل على استخدام القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية.
لن يجد المعفي عنهم الشارع في انتظارهم أو الفراغ القاتل وغياب الأفق، بل سيستطيعون مواصلة ما يتقنونه بشكل قانوني وفي ظل مؤسسات وآليات واضحة.
لقد عانى مزارعو القنب الهندي لعقود طويلة من التشريعات التي ساوت بين البسطاء منهم، الذين لا يجدون أمامهم سوى هذه النبتة لتحصيل قوت يومهم بسبب طبيعة المناطق التي ينتمون إليها، وبين المهربين الذين يستغلون أوضاعهم من أجل مراكمة الثروات.
كما يأتي هذا العفو وسط توقعات متفائلة لسوق القنب الهندي عالميا، وهو ما يعني حياةً اجتماعية واقتصادية أفضل للمعني عنهم.
وتتوقع دراسة رسمية لوزارة الداخلية أن يصل الدخل الصافي للهكتار الواحد من القنب الهندي إلى 11 مليون سنتيم سنويا، كما ستصل حصة إنتاج المغرب من السوق الأوروبية ستصل إلى 4,2 مليار دولار بحلول سنة 2028، وهو ما يعني أننا نتحدث عن سوق واعدة وفرص حياة وعملٍ أفضل.
ما هو مؤكد أن المبادرة الملكية الجريئة وغير المسبوقة تشكل، إضافة إلى ما سبق، مصالحة اجتماعية تاريخية وفريدة من نوعها، ستشكل طوق نجاة للمزارعين وستخفف عنهم طوق السجن وطوق الضغوط والاستغلال والابتزاز بالشكايات الكيدية.
يمكن اعتبار العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي عودةً إلى الحياة بالنسبة إلى هؤلاء، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.