يكون المرء ضعيفا في فترات الصدمة، وبالتالي يمكن استمالته والتأثير عليه بسهولة. وهذا ما فعله عبد الإله بنكيران عندما تلقّف خبر نتائج انتخابات 8 شتنبر، وسارع إلى ورقته المهترئة المفضلة وكتب فيها ما يشبه أمرا إلى سعد الدين العثماني من أجل الاستقالة من الأمانة العامة للحزب.
كان لبنكيران ما أراده طبعا، وصار أمينا عاما، بتصويت أعضاء حزبه الذين كانوا سكارى وما هم بسكارى، ولكن صدمة الهزيمة شديدة.
لكن عموما يبقى الشراب أنواع، وبنكيران شرب عصير البرتقال في الحسيمة، حيث نزل هناك، بقضّه وقضيضه، كي يروج ويحمّس ويدفع إلى التصويت على حزبه، معتبرا – بعظمة لسانه – أن الانتخابات الجزئية أهم حتى من انتخابات 8 شتنبر.. طبعا، كيف لا وبنكيران هو من يقودها بنفسه؟
لكن الزمن غير الزمن، ومشاعر الناس قد جفّت تماما ولم تعد تنخدع بلعبة "صوتوا علينا كي تكونوا من الشرفاء"، فحظي حزب بنكيران بـ726 صوتا فقط، محتلا المرتبة الأخيرة، مقابل أكثر من 10 آلاف وأكثر من 9 آلاف، لحزبي الأحرار والأصالة والمعاصرة، على التوالي.
الفرق شاسع ومخيف وصادم، وذكرى المطالبة باستقالة العثماني ليست عنا ببعيد. فإذا كان بنكيران قد طالب بها هناك، فلم لا يطالب بها نفسه هنا، وقد أقر أن هذه الانتخابات الجزئية أهم من تلك الخاصة بـ8 شتنبر؟
أليس من حق العثماني الآن، أو غيره من أعضاء الحزب، أن يدوّن رسالة على وريقة مهترئة، ويطالب بنكيران بتنفيذ ما طالب به نفسه.
لقد رفع بنكيران سقف توقعاته، معتقدا حقا أن كلمته لا زالت مسموعة ومؤثرة حتى في أبناء الشعب، لكن السقف هوى للأسف على رأسه محدثا جلبة وضجيجا كبيرين، في الغالب لن يلتفت لهما بنكيران وسيجد للأمر ألف مبرر ومبرر.
سيظل بنكيران، أيا كانت النتائج، يعيش في فقاعته الواهمة، معتقدا أن كل هزائم حزبه سببها المتربصون، ولو أنه قام لنفسه، فريداً وحيداً، ثمّ تفكّر.. لأدرك أنه ما في الأمر من خديعة وأن ما أصابه وأصاب حزبه إنما هو بما كسبت أيديهم.
فهل يمتلك بنكيران الشجاعة ليفعل ما يقول؟
إن غدا لناظره قريب.