"بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة و التنمية فإني أعلن عن إستقالتي من الحزب و كل هيآته منذ هذه اللحظة"..
كان هذا آخر منشور على فيسبوك يحمل رأياً أو جديداً من طرف الوزير السابق عبد القادر اعمارة الذي عينه الملك على رأس المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي.
وعلى عكس المعيّنيْن الآخرين، حسن طارق ومحمد بنعليلو، غاب اعمارة تماماً عن الساحة السياسية والنقاشات المجتمعية، دون أن يحاول الظهور أو يدليَ بدلوه في أي موضوع.
وبإلقاء نظرة على صفحة الرجل الرسمية على فيسبوك، تنكشف ملاحظة غريبة تتمثل في أن الرجل لا ينشر ولا يتفاعل مع المستجدات الوطنية.
لكن بالمقابل، لم يكن اعمارة غائبا تماما، وظل ينشر في كل مناسبة دينية تهنئة عامة، بما في ذلك التعبير عن البهجة بخبر إعلان الملك ترشح المغرب لتنظيم كأس العالم 2030.
كان الرجل صموتا منعزلا إذن، وحتى في "ثورته" ضد بنكيران، وانضمامه إلى "تيار الاستوزار" رفقة سعد الدين العثماني، لم يكن الرجل يقول الكثير.
استقال بعبارة على فيسبوك، ولم يتحدث بعدها، ولم يهاجم أحدا، كما أنه لم يبرر موقفه، كل ما فعله هو الاعتزال والصمت.
بعد هذه السنين، نسي الكثيرون عبد القادر، ولم يعد له وجود سياسي أو اجتماعي حتى، بينما هو اكتفى بالتذكير بوجوده من خلال التهاني !
مع ذلك، وبالنظر إلى مساره، فقد قاد الرجل وزارات لا بأس بها، توزعت بين الصناعة والتجارة والطاقة والمعادن، والتجهيز والنقل واللوجيستيك، وهو ما يؤكد أن كفاءته لا جدال حولها.
مسار يفترض من خلاله أن يكون اعمارة نشيطا على غرار عبد العزيز رباح، مثلا، الذي قام بإطلاق مبادرة "الوطن أولا"، وغيره كثير.
صمت اعمارة إذن عن الكلام المباح وغير المباح، لكنه ترك إرثا من الكفاءة خوله اختيارَه من طرف الملك محمد السادس رئيسا للمجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، وهو ما يعني – أحيانا – أن الصمت يكون فعلا من ذهب خالص، وأن اللسان حصان ينبغي لجمه قبل أن يحرمك من أشياء كثيرة كما حصل مع آخرين لم تشفع لهم كفاءتهم أمام ثرثرتهم التي لا تنتهي.