قال متخصصون وباحثون إن الرافد الأندلسي يعد جزء من الهوية المغربية بفعل الأثر الكبير الذي تركه الموريسكيون على المدن المغربية التي توافدوا عليها لاسيما الشمالية، مبرزين مدى انصهار هذا الرافد في الحضارة المغربية لتشكل هوية ثقافية لا تزال معالمها جلية في الموسيقى والمعمار وغيرها من مناحي الحياة.
جاء ذلك خلال ندوة دولية انطلقت يوم الأربعاء برحاب أكاديمية المملكة المغربية بالرباط حول موضوع " المغرب والميراث الأندلسي في السودان الغربي"، برئاسة ادريس الضحاك، عضو الأكاديمية.
وقال عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، خلال كلمته الافتتاحية إن العلاقة التاريخية بين المغرب والأندلس ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر، "اتخدت العديد من المسارات الاجتماعية والسياسية والثقافية في فضاء جغرافي امتد من شبه الجزيرة الإيبيرية وبلاد المغرب وموريتانيا والسنغال ومالي والسودان الغربي"، لافتا إلى أن "العديد من المصادر التاريخية اعتبرت أن لتلك العلاقة تأثير في الاتجاه الديني بدءا بفترة الفتح الإسلامي للمغرب وما تلاها من حقب إلى حدود فترة حكم المنصور الذهبي ".
وأبرز لحجمري أن المغرب على امتداد العصور شكل أرضا للتلاقي والتعايش والتسامح والتجانس بين الروافد المتعددة للهوية المغربية، وطدتها صلات سياسية وثقافية واجتماعية كانت فيها الصحراء صلة وصل وطريق تجاري ومعرفي، ورباط بين المغرب الأقصى والأندلس، معتبرا أن القضايا التي تشكل محور هذه الندوة تعد من صميم مهام أكاديمية المملكة المغربية باعتبار أن موضوع المغرب والميراث الأندلسي في السودان الغربي "لا يمكن فهم قضاياه إلا في ضوء التفاعل الحضاري الذي ميز حكم المرحلة ومساق سيره ونتائجه في ضوء النظم السياسية السائدة".
من جهته، أبرز سفير إسبانيا بالمغرب، ريكاردو دييز هوشلايتنر رودريغيث، أن هذا اللقاء يمثل فرصة من أجل التفكير المشترك بين كل ما يجمع الجارين المغرب واسبانيا لقرون، مبرزا أن البلدين لديهما نفس الروح والتاريخ المشترك وكذا نقاط تقاسم تتمثل في الثقافة والفنون والعمران.
إلى ذلك، قال خيرونيمو بايث لوبيث، محام وناشر والرئيس المؤسس لمؤسسة " التراث الأندلسي"، بغرناطة في إسبانيا، خلال محاضرته الافتتاحية التي حملت عنوان " المغرب - إسبانيا: تاريخ حافل ومتشابك ومثمر عبر القرون"، إن العلاقات المغربية الإسبانية يحكمها تاريخ عريق مشترك، وذلك بفعل تلاحم الجغرافية، معتبرا أن هذا المعطى "ساهم في تكييف الماضي، كما سيساهم في تكييف الحاضر والمستقبل "، مشددا على أن المرحلة الأندلسية تشكل إحدى أهم مراحل التاريخ المشترك بين كل من المغرب واسبانيا بل وأكثرها إشراقا، باعتبارها فترة برزت فيها الحضارة في مستواها المادي والروحي.
وأضاف أن مظاهر هذه الحضارة لاتزال بادية للعيان تلخص ثمانية قرون من الوجود الإسلامي في إسبانيا، "والتي يمكن أن يلتقطها المؤرخ النبيه فقط بناظريه بين ضفتي مضيق جبل طارق".