من المؤكد أن الجميع يحب كرة القدم، ثم باقي الرياضات بشكل عام. وليس من الصعب أن يجتمع مئات الآلاف في هذا الملعب أو ذاك لأجل عيون مباراة حامية الوطيس.
لكن أن يجتمع الناس بكثافة، خصوصا في الدول العربية، ويحتفوا بشكل يومي بمعرض للكتاب؟ هذا يبقى رهانا وتحديا صعبا.
رهان نجحت فيه دولة الإمارات بشكل كبير، مستعملة خلطة سحرية نجحت في "توريط" العازفين عن القراءة في دخول دنيا الكتب "رغما عنهم".
لقد أدرك المسؤولون الثقافيون في الإمارات أن الاكتفاء بالكتاب وحده كبضاعة في معارض الكتب غير كافٍ، وهو يعني ببساطة تكريس حضور نفس الجمهور في كل عام، دون أي إضافة.
وبالاطلاع على برامج معارض الكتب بالإمارات (خصوصا معرضي أبوظبي والشارقة الدوليين)، نلاحظ أن التنوع الكبير هو الأساس، فإضافة إلى حفلات توقيع الكتب، والندوات، تهتم المعارض الإمارتية بالجانب الترفيهي بشكل كبير.
هكذا، عملت الإمارات في السنوات الأخيرة على استضافة فنانين ومؤثرين لديهم آلاف وربما ملايين الجماهير، مع الحرص دائما على ربطهم بنشاط يتعلق بالكتاب والثقافة بشكل أو بآخر.
ففي مهرجان الشارقة القرائي للطفل، على سبيل المثال لا الحصر، تمت دعوة الفنان الكوميدي المصري محمد هنيدي.
لماذا هنيدي بالضبط؟ لأنه فنان بروح طفولية من جهة، ولأنه قام بأداء أصوات عدد من أفلام الرسوم المتحركة، وبالتالي فهو مرتبط بالأطفال وبعالمهم السحري.
هنيدي حل ضيفا على ندوة، وتلقى عشرات الأسئلة من الأطفال، وأجاب عنها، فكان الجمع بين الفن والطفل والثقافة والقراءة في قالب مبتكر.
تمنح معارض الكتب بالإمارات الزائر مجموعة من التسهيلات والخيارات، وعددا لا يحصى من العروض التي تشجع على القراءة كمنح نسخ من كتب بعينها مجانا.
يحب الناس الاحتفالات والترفيه، والقراءة أحيانا، وقد نجحت الهيئات الثقافية بالإمارات في إيجاد منطقة وسط بين كل هذا، فقرّبت الكتاب والثقافة من كل شرائح المجتمع، ولم تعد المعارض مجرد مناسبة مملة تحضرها النخبة فقط.
وبإطلالة سريعة على الصفحات الرسمية لهذه المعارض على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تلمس هذا التنوع الذي نتحدث عنه، وهي بالمناسبة صفحات لا تتوقف عن النشر والتحفيز حتى خارج أيام المعرض، بل تستمر طيلة العام.