ما زالت الزوبعة التي أحاطت بالرابور "طوطو" لم تهدأ، ولا زالت الأيام تحمل المستجدات المختلفة، بين اعتذار منه ودعاوى رفعها عليه فنانون وإعلاميون، ومتابعة في حالة سراح..
تحول الأمر إلى نقاش عام إذن، وأدلى الكثيرون بدلوهم، منهم من تعاطف مع طوطو ومنهم من اعتبر أنه يستحق ما حدث معه، وآخرون رأوا أنه لم يأخذ عقابه المستحق بعد !
المشكلة أن أغلب النقاشات تتناول حق الفنان في التعبير، وأن الفن لا تحده حدود، وإلا لم يعد فنا. والناس أذواق، وهناك من يحب الغناء الخشن حتى ولو احتوى على كلمات خادشة، باعتباره موجها لأشخاص راشدين يتحملون مسؤوليتهم ويعلمون أن الأمر يتعلق بشخص يرتدي قبعة فنان.. فلماذا الشخصنة؟
والخطأ الذي يقع فيه هؤلاء هو أنهم لم ينتبهوا إلى الفرق بين أن تقول كلاما نابيا في أغنية، وبين أن تقوله في ندوة صحافية أو فوق خشبة مهرجانٍ تنظمه وزارة الثقافة.
ونجد أمامنا مثالا قريبا لأغنية الرابور BIGG المعنونة بـ"170 كلغ"، والتي لم يترك فيها كلاما نابيا إلا قاله.
هذا الكلاش لم يمر مرور الكرام، فنيا، ورد عليه الرابور "ديزي دروس" بكلام أكثر فحشا..
فهل قامت نفس الضجة وقتها؟ طبعا لا. لأن الفنان يخاطب جمهوره، ومن حق الآخرين أن يمتنعوا عن الاستماع إليه.
فما الفرق بين بيغ وديزي دروس، وما حدث لطوطو؟
الفرق هو أن طوطو قال كلامه في مكان عام، بل في ندوة صحافية.. واعتبر بكل وضوح، وبكامل قواه العقلية، أن تعاطي الحشيش أمر عادي، في الوقت الذي يقول فيه القانون المغربي العكس.
نفس الشيء بالنسبة لما قاله فوق خشبة عرض عمومي. المشكلة أنه لم يكتف بما تقوله أغانيه وأصر أن يتحدث حديثا مباشرا، ويقول كلاما نابيا أثناء ذلك.. وهو ما يمكن اعتباره تصريحا، أو سبا أو قذفا.. أو أيا كان.
الخلاصة أنه كان على طوطو أن يكتفي بأغانيه، وأن يقول فيها ما شاء.. وأن يحتفظ بفلسفته الخاصة في الحياة لنفسه. وإلا فإن الحرية في هذا الباب معلومة لدى الجميع: تتوقف عندما تقتحم حدود حرية الآخرين.
بالنسبة لاعتذاره، فهو يظهر جليا أن الرجل أدرك خطأه، وهذا أمر جيد جدا. ونقطة تحسب للمجتمع والقانون المغربيين اللذين أعادا الأمور إلى نصابها، وفي نفس الوقت نبّها باقي المطربين إلى عدم ارتكاب نفس الخطأ مستقبلا، وإلا سنكون فعلا أمام فوضى... فوضى غير خلاقة للأسف.