قرر القيادي في حزب العدالة والتنمية جامع المعتصم أن يعتصم بمنصبه كمكلف بمهمة في ديوان أخنوش بدل الاعتصام بحزبه، وكان يمكنه أن يفعل العكس بكل سهولة.
فالاستقالة من أي منصب هي اختيار شخصي وحق قانوني لكل مواطن يتبع المساطر الإدارية لذلك، خصوصا أنه كان سيعود لوظيفته الأصلية ولن يخسر سوى بعض من "وسخ الدنيا".
لكن الاختيار كان واضحا ولا يحتاج إلى أية تأويلات، ولو أن عبارة "دفعاً للضرر عن أفراد أسرتي" تبقى مثيرة للاستغراب.
عندما يقع حزب العدالة والتنمية في ورطات كهذه لا يخرج باعتذار أبداً، أو يعترف بالخطأ. هناك دائما مبررات وأعذار تجعلهم ملائكة يحلقون فوق سماء المغرب. ولو أنهم قاموا وأقروا بذنوبهم لتفهم المغاربة ذلك، ولاحتسبت لهم نقطة في رصيدهم الذي لم يعد نضاليا على الإطلاق، وأصبح خُبزياً مصلحيا.
الغريب هو حديث جامع المعتصم عن "النشر المغرض" لخبر المهمة التي يشغلها. هل النشر هو المغرض أم حقيقة شغل نائب حزب في المعارضة لمنصب مكلف بمهمة في رئاسة الحكومة هو المغرض حقا؟
ينطبق هذا أيضا على بيان بنكيران الأول الذي اعتبر فيه ناقلي الخبر "مشوشين" لمجرد أنهم وصفوا المعتصم بـ"المستشار".
فهل الصحيح في هذه الحالة، في نظر بنكيران، أن يتستر الناس عن الخبر؟ وإن كان كذلك، فهذا اعتراف ضمني أن هناك خطب ما.
خطاب المظلومية وتحريف النقاش أصبح مقززا جدا. فلو كان الخبر مغرضا فهذا يعني أن الحقيقة مغرضة أيضا، أو أن التستر على الخبر كان هو المقصود منذ البداية. علما أن الراقص لا يخفي وجهه كما يقول المثل المغربي.
صار المغاربة يعرفون الحقيقة كاملة، ويعرفون ما يريد الحزب بوضوح تام، مهما تبادل أعضاؤه بينهم تبريراتهم. وإطلالة سريعة على تعليقات مواقع التواصل تكشف لك الدرك الذي نزلت إليه شعبية الحزب.