اتفق الإخوان وأجمعوا حبّهم، وتوجهوا جماعةً نحو بيت جامع المعتصم لإبلاغه بأن استقالته مرفوضة من الحزب. وعلى الشاشة ارتفعت الكلمة المألوفة لكل حكاية وقصة "النهاية".
هكذا أرادوا للمشهد أن يبدو، لقد تحول المشكل من اشتغال نائب بنكيران لدى أخنوش، إلى قبول استقالة المعتصم من عدمها، ولقد تم رفضها. وها نحن في صورة جماعية نبتسم ونحيط بأخينا كالسوار بالمعصم، وقد حلّت كل مشاكل العالم ولا ينقصنا سوى أن نغني بصوت واحد "وي آر ذ وورلد".
لكنها محاولة فاشلة لغسل دماغ المعترضين من أعضاء الحزب ومن المتابعين للشأن السياسي أيضا. لماذا؟
لأن المشكلة لم تكن أصلا في نيابة المعتصم لبنكيران، بل في اشتغاله لدى الحزب الذي يصفونه بأبشع النعوت، وهو الأمر الذي تم إقصاؤه من النقاش تماما.
وبالتالي، فالمشكل الذي أثار كل هذه الضجة لا زال قائما، بكل بشاعته السياسية والإنسانية. فمن غير المعقول أن تنهى عن خلق وتأتي مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم.
فبنكيران قال في إحدى تصريحاته أن أخنوش قد يصلح وزيرا للفلاحة أو ما شابه، لكنه لا يصلح لأن يكون وزيرا أولا. فكيف يرضى بأن يكون نائبه مكلفا بمهمة لدى وزير لا يصلح للمهمة أصلا !
ثم كيف يوافق بنكيران بشكل فردي على قرار خطير كهذا، دون استشارة إخوانه، ثم يقول بثقة أن الأمر قد يكون فعلاً خطأ في التقدير. ألم تستوقف آية "وشاورهم في الأمر" بنكيران؟
والآن، بعد كل هذا، هل سينام بنكيران قريرَ العين، ونائبه يقوم بالمهام لعزيز أخنوش، "الذي لا يصلح كوزير أول"؟
الحقيقة المرّة، التي يصم الجميع آذانهم عنها ويستغشون ثيابهم، هي أن بنكيران من كان عليه أن يستقيل بعد هذه الفضيحة السياسية، بدل أن يبحث عن أعذارٍ أقبح من ذنب.
وحينها سيكون من المنطقي أن يبقى المعتصم في مكانه، لأن الأمين العام لحزبه قد تكون له آراء مختلفة.