هي بضعة ثوان تلك التي جمعت وزيرة الخارجية ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
مصافحة باليد وتبادل لبضعة كلمات، ولغة جسدٍ تشي بالكثير وتختزل كلمات أخرى لم تقل.
بطربوش أحمر وجلباب مغربي أصيل قرر بوريطة أن يحضر وأن يمثل المغرب قلباً وقالباً. لا مجال للحيرة أو التظاهر بعدم التمييز إذن: وسط كل المشاركين يمكنك أن تجزم أن المغربي هو بوريطة ولا أحد غيره.
استطاع بوريطة خلال ثوان أن يرسل رسائل سياسية ويعبر عما يجيش بصدور كل المغاربة، فهو لم يظهر العداوة، لكنه أيضا لم يظهر المودة أو الاستكانة.
يسأله تبون فيجيب بكلمات مختصرة وبابتسامة معاتبة، لأن المغرب مد يده أكثر من مرة وظل دائما صاحب المبادرة لكن دون جدوى.
يد ممدودة لكن بتحفظ، ومصافحة قد تكون بين صديقين، وقد تكون أيضا بين شخصين يلتقيان لأول مرة.
لحظات كهذه، على الصعيد الديبلوماسي، قد تكون أحيانا فيصلاً في الكثير من الأمور.
وقد نجح بوريطة في تجاوزها بنجاح دون أن يترك أي انطباع ظاهر: لا سلبي ولا إيجابي.. وهذا كان هو المطلوب بالضبط.
باختصار شديد، يمكن استخلاص كلمات واضحة من لحظات السلام بين الطرفين:
لا زال باب المغرب مواربا، ويمكن أن يفتح في أية لحظة في وجه الجيران والأشقاء، لكن شرط أن يكون واضحا أن المغرب لن يتنازل عن شروطه الواضحة التي كررها أكثر من مرة.
بالمقابل، إن كان ولا بد، واختار الآخرون القطيعة، فالمغرب سيظل ها هنا في صحرائه، والصحراء في مغربها.