أغلب ردود الفعل على رفض اللاعبين حكيم زياش ونصير مزراوي اللعب لفائدة المنتخب الوطني في مباراته القادمة، كالعادة، ردود عاطفية تتحدث عن وطنية اللاعبين من عدمها، بينما الحقيقة أن رفضاً من هذا النوع تتشابك فيه الأسباب والحيثيات.
ودعونا نبدأ الحكاية من آخرها، من لحظة إعلان زياش خصوصا على صفحته أنه لن يقبل دعوة المنتخب وأن الفريق الذي يمثله حاليا هو "تشيلسي" فقط، مُرجعا سبب ذلك لما سماها المغالطات الكثيرة التي قيلت في حقه.
وبغض النظر عن صواب قرار زياش من عدمه، يبقى من المثير للاستغراب أن الجامعة الملكية المغربية وجهت دعوة للاعب أعلن رسميا قراره النهائي بعدم العودة للمنتخب !
وهنا يمتزج ما هو اجتماعي وشخصي في الموضوع، فأكيد أن أبناء الجالية المولودين بالخارج لديهم تفكير مختلف عنا نحن المغاربة المولودين هنا. فمجتمعنا وتنشئتنا لها خصوصياتها، ولأولئك خصوصيتهم.
ففي الغالب، عندما يقول لاعب مثل زياش أنه اتخذ قرارا لا رجعة فيه، فإنه يعني ذلك فعلا، وليس هدفه هو الابتزاز العاطفي أو استدرار التعاطف.. وكان أولى بالجامعة أن تدرك هذا، وأن تتفهم قرار اللاعب وتعتبر موضوعه منتهيا.
لكن ما حدث أن الجامعة تعاملت بشكل طفولي يعتمد على أن زياش "غاضب فقط"، وأن مجرد استدعائه سيطفئ نار هذا الغضب، وستعود المياه إلى مجاريها.. و"مريضنا ما عندو باس".
ثم كيف يمكن لجهة على قدر عال من المسؤولية كالجامعة أن ترسل دعوات كهذه دون أن تجس النبض مسبقا؟ كان من الممكن معرفة رأي زياش قبل استدعائه رسميا، دون الحاجة إلى السقوط في حرج رفضه للدعوة.
الغريب أيضا أن الجميع، إعلاميين ومتخصصين، تعاملوا مع الأمر وكأنه محسوم، وكأن دعوة الجامعة هي إعلان لموافقة اللاعبين على القدوم بالضرورة.. والأمر ليس كذلك ولاشك.
نتحدث هنا عن زياش كمثال فقط، وما ينطبق عليه ينطبق على مزراوي بطبيعة الحال، بينما يحيلنا رفضهما على لاعب آخر لم يعلن مسبقا رفضه اللعب للمنتخب، بل لعلّه ينتظر فرصته ويتمنى حمل القميص في أقرب فرصة.
وهنا يطرح السؤال: لماذا يستدعى زياش ومزراوي ولا يستدعى حمد الله؟ هل حقا يتعلق الأمر بالجاهزية أم بأمور أخرى؟
وعموما، لقد كان مطبّا سيئا جدا هذا الذي ارتطمت به حافلة الجامعة، على أمل أن تدرك مستقبلا أن لكل لاعب خصوصيته ونشأته، وألا تسارع بالدعوات الرسمية عندما يكون الأمر ملتبساً مثلما حدث مع زياش خصوصا، ومزراوي كذلك.