هل المنتخب المغربي لكرة القدم منتخب قوي حقا؟
يبدو السؤال مستفزا عاطفيا، والجواب الأول الذي يسارع إلى القفز على الألسن هو: طبعا، إنه من أقوى المنتخبات الإفريقية وربما العالمية.
لكن، من الواضح أن عشاق المنتخب تعرضوا إلى خدعة عاطفية استمرت معهم لعقود دون أن يشعروا، وبدأت عندما كان منتخبنا أول منتخب إفريقي عربي يتأهل إلى دور الربع في مونديال المكسيك سنة 1986.
فمنذ ذلك التاريخ، بدأ الجمهور يعامل المنتخب وكأنه منتخب كبير جدا وينبغي أن يفوز بأغلب المنافسات التي يشارك بها.
وظل هذا الاعتقاد يلاحقنا إلى يومنا هذا. وفي كل مرة يفشل المنتخب، نغضب ونثور، لكننا نبحث عن الأسباب والمبررات، ثم ننتظر المنافسة القادمة وهكذا.
أما لو استبعدنا العاطفة قليلا وفكرنا وحسبنا الأمور بالعقل، فسنجد أننا من الفرق الإفريقية المتوسطة حينا، والضعيفة حينا آخر.
فالإنجاز الوحيد الحقيقي الذي يحسب للمنتخب هو فوزه بكأس إفريقيا سنة 1976، ويمكن أن نضيف إليه احتلاله مركز الوصيف في كأس إفريقيا سنة 2004.
أما عدا ذلك، وباستثناء مونديال 1986، كما ذكرنا، فإن خزينة المنتخب تخلو من كؤوس وتتويجات حقيقية، منذ الاستقلال إلى الآن.
ولو قارناه بمجموعة من المنتخبات الإفريقية لوجدنا أنها تتجاوزه بمراحل من ناحية الإنجازات المسجلة فعلا، وليس قولا.
ربما اغتررنا ببعض المحترفين الذين يلعبون لفرق كبرى أيضا، وهؤلاء لا يمكن القياس عليهم، لأنهم عندما يحضرون للمنتخب يكون كل عهدهم به هو المعسكرات التدريبية وهي غير كافية أبدا لخلق الانسجام المطلوب بينهم وبين باقي اللاعبين.
لهذا، وفي كل مرة ننتظر إنجازا نجد أنفسنا أمام إحباط يلي إحباطا.. وهكذا.
ليس الهدف هنا هو جلد الذات، بل رؤية الحقيقة كما هي والبناء عليها، لعلنا فعلا نستطيع بناء منتخب قوي بشكل مستدام، وليس مجرد انتصارات بين الحين والآخر لا تعزز سوى وهم التفوق الكاذب.
رحم الله امرؤا عرف قدر نفسه، ولو عرفنا حقيقة منتخبنا لاستطعنا تدارك الموقف، فحل المشاكل لا يكون سوى بالاعتراف بها وليس إنكارها.
يجب أن نفهم أن تأهلنا إلى كأس العالم، بالنظر لقوة منتخبنا، هو هو استثناء، والقاعدة هي ألا نتأهل، لهذا يجب أن نتعامل معه كإنجاز حقيقي.
أما التأهل للدور الثاني في كأس العالم فيمكن اعتباره تتويجا.. تتويجا لم يتكرر للأسف.
أما الفوز بكأس إفريقيا فهو حلم.. ونتمنى ألا يظل كذلك.
لعل هذه الكلمات تكون قد أعادت تركيبة الــPuzzle من جديد، بحيث بدت الصورة واضحة بما يكفي كي لا نظلم منتخبنا ولا نحمله ما لا يطيق من جهة، وكي لا نبخسه حقه أيضا من جهة أخرى في حالة تحقيقه لإنجاز "حقيقي".