مُنحت منارة سبارطيل بطنجة، قبل أيام، لقب "المنارة التراثية" لسنة 2023، من طرف مجلس الجمعية الدولية للتشوير البحري في دورته الـ76 المنعقد بالبرازيل، لتكون بذلك المنارة العربية والإفريقية الأولى والوحيدة الحاصلة على هذا اللقب.
ومنارة كاب سبارطيل، قيدومة منارات المغرب، حيث احتفلت في 15 أكتوبر 2014 بذكرى مرور 150 سنة على انطلاق تشغيلها، ولازالت قائمة تواصل نشاطها.
وتتميز هذه المنارة، بوصفها معلمة وطنية ذات سمعة دولية، بهندستها المعمارية الغنية، وتاريخها الحافل، ودورها الرائد المرتبط بنشاط الملاحة البحرية.
وتقع منارة كاب سبارطيل في أقصى الشمال الغربي من المغرب وأفريقيا، بين بحرين اثنين وثلاث قارات، بمدينة طنجة بالضبط.
وتعد المنطقة من بين أكثر المواقع جمالا في المغرب بفضل مورفولوجيتها المتنوعة، حيث إن هذا الفضاء حافظ على اتساقه مع الطبيعة؛ إذ يضم طيفا واسعا من النباتات المختلطة، أفرزه تأثير البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
كما يشكل كاب سبارطيل ومنارته فضاء ثري التنوع والتأثيرات، وغالبا ما يذكر بوصفه مكانا أسطوري، وبذلك يعد مفخرة للجهة.
في السابق، وإلى حدود ظهور السفن البخارية، كان القراصنة يمثلون الخطر الرئيسي الذي يحذق بالمنطقة، بما في ذلك القراصنة القادمون من ميناء سلا، وهو ميناء هام يقع عند مصب نهر أبي رقراق، حيث لطالما كانوا يترددون، منذ القرن السادس عشر، على مياه هذا الجزء من المحيط الأطلسي الممتد من جزر الكناري إلى الضفاف الشمالية لإسبانيا.
وحتى بعد أن أصبحوا شخصيات أسطورية شبه منسية، بات خطر غرق السفن، منذ ذلك الحين، يعتبر بمثابة التهديد الأول والأكثر خطورة بهذه الواجهة الساحلية لمدينة طنجة.
وكانت أشهر حادثة غرق هي تلك التي عرفتها الفرقاطة التعليمية البرازيلية والتي أودت بحياة 250 من الطلبة الضباط في عام 1860.
وسنة بعد ذلك أمر السلطان محمد بن عبد الرحمن ببناء منارة كاب سبارطيل، واستغرقت أشغال بناء المنارة، بقيادة مهندس فرنسي يدعى "جاكي" وبدعم من اليد العاملة المؤهلة المحلية، مدة سنتين، وتطلب استيراد لوازم الإنارة وضبطها سنة كاملة.
وهكذا تم افتتاح هذه المنارة التي تحظى باهتمام دولي كبير بتاريخ 15 أكتوبر من سنة 1864، حيث وقعت اتفاقية في السنة الموالية (1865) بين المغرب و53 بلدا، بشأن تكاليف نفقات تشغيل هذه المؤسسة وصيانتها. وأوكلت مهمة المراقبة للجنة دولية ترأس سنويا بالتناوب.
وفي سنة 2020 فتحت هاته المنارة أبوابها للعموم وذلك في إطار اتفاقية شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لتكون أول منارة في المغرب يمكن زياتها، حيث تضم أيضا متحف منارات المغرب الذي يعرض التاريخ البحري المغربي ومجموعة مهمة من المعدات التقنية المتعلقة بالمنارات.