تقول النكتة الشهيرة أن حاكم قرية وعد شخصاً بأن يمنحه ما يريد، شرط أن يمنح ضعفَ ذلك لصديقه.
وبعد أن سأله عن أمنيته، فكر صديقنا شحيح النفيس كثيرا، ثم اهتدى إلى أغرب طلب وهو أن يفقأ الحاكم إحدى عينيه، وهو ما يعني أن يفقأ عينيْ صديقه الاثنين !
إنه الفكر القائم على الحسد وتدمير الآخر، والذي يعتبر فشل الآخرين نجاحاً له، ولا يهم إطلاقا أن ينجح هو.
ولعل هذه المقدمة تقربنا قليلا مما فعله المسؤولون الجزائريون، يوم الجمعة في ملعب 5 جويليه، قبل مباراة الوداد الرياضي ضد شبيبة القبائل.
فقد تغاضوا في بداية الأمر عن رفع راية المغرب، في حادثة فريدة من نوعها وغير مسبوقة في تاريخ الملاعب.
لكن الأمر لم يتوقف هنا، فبعد أن تم تنبيههم من طرف المراقبين إلى أن البروتوكول يقتضي ضرورة تواجد العلم المغربي إلى جوار الجزائري، أو إنزالهما معاً، قرروا أن ينزلوا علمهم على أن يتجاورَ العلمان في الأعلى.
إنها نفسها حكاية فقأ العين. لقد اختار المسؤولون أن ينكسوا علمهم حزناً على الأخوة والروح الرياضية، وهم لا يشعرون.
إنه أول بلد في التاريخ يختار "شراكة خاسر-خاسر" !
علما أن المنطق والعقل يقولان أن وجود العلم المغربي هناك لا يقدم ولا يؤخر ولا يضر أحدا إطلاقا، ولا يُسعِد أحداً أيضا (ولعل هذا ما خشيه المسؤولون الجزائريون) !
ثم إن الأمر يتعلق بالرياضة، حيث يفترض أن تطوى كل الخلافات السياسية ولا تطغى سوى الروح الرياضية واللعب الجميل، ولا شيء غيرهما، دون التركيز على حماقات كهذه.
لقد أثبت المسؤولون الجزائريون أنهم مصرون فعلا على تحويل الرياضة، وكل ما له علاقة بالمغرب، إلى سياسة وصراع وشذ وجذب، بما في ذلك حجز آلات تصوير فريق الوداد مثلا !
هي حكاية تحسّس من كل ما هو مغربي يبدو أنها لا توشك على الانتهاء، في ظل تعنت وإصرار على الصراع بدل التفاهم.. وستظل تنتج لنا مواقف سيسخر منها العالم كله ولاشك.