أحيانا يحتاج الأمر إلى حركة بسيطة، إلى إنجاز، إلى انتصار، كي تتغير الكثير من الأمور، على المستوى الفردي والوطني.
ومن المؤكد أن الإنجاز المغربي الذي تحقق على مستوى كرة القدم في كأس العالم بمونديال قطر، كان له أثر كبير على المستويين معاً، فأعطى نتائج لحظية وأخرى لا زالت تتمخض لحد الآن لتفرز انتصارات أخرى مرتقبة.
صحيح أن مقياس قوة الأمم يقاس الآن بقوة الاقتصادات، بالتفوق التكنولوجي والعسكري، ولكنه أيضاً قد يقاس بقطاعات أخرى، لم تكن في السابق ذات تأثير كبير.
فالرياضة، وكرة القدم خصوصا، صارت وسيلة للفت انتباه العالم، لجذب السياح، لجعل اسم البلد يتصدر "الترند"، ثم بالتالي لجعل صوته مسموعاً.
ولعل هذا ما حدث مع المغرب بعد مونديال قطر، حيث يلاجظ أن مؤثر الثقة والانتباه إلى المملكة أصبح أكثر، على أكثر من صعيد.
صحيح أن ما تحقق منذ فترة لا يعزى كله بشكل مباشر إلى إنجاز المونديال، لكن الفكرة هي انتشار ثقافة الثقة بالنفس، والقدرة على التقدم، والمنافسة.
فبالتأكيد ما كان المغرب ليُمنحَ تنظيم مونديال الأندية لولا الصدى الهائل بعد تجربة قطر، والذي جعل منحه ذلك الشرف يكاد يكون "تحصيل حاصل".
ولم يخلف المغرب الموعدَ وكان في مستوى تنظيم تظاهرة بتلك الحجم، ومر كل شيء على أفضل ما يرام.. فالإنجاز قادر على أن يصبح عادة وليس مجرد طفرة.
على الصعيد الاقتصادي، نجح المغرب في الخروج من اللائحة الرمادية، وهو ما يمنح الاقتصاد المغربي خطاً مرناً وأريحية أكبر. وكما قلنا، هو ليس نتيجة مباشرة لإنجاز المونديال، لكن لنقل إنه خير مثال لقانون الجذب "الإنجاز لا يأتي إلا بإنجازات أخرى".
آخر هذه الإنجازات، هو إعلان الملك محمد السادس عن عزم المغرب الانضمام إلى ملف الترشيح الثلاثي لتنظيم كأس العالم 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال.
إن مجرد اقتراح المغرب كبديل مباشر لأوكرانيا التي كانت مرشحة أولى في هذا الملف، هو تأكيد جازم على أن المغرب أصبح فعلا رقما صعبا على أكثر من صعيد، وروح الإنجاز والانتصار تتواصل، وستتواصل أكثر في حالة الفوز في هذا التحدي.
وعندما تقرر أعلى سلطة في البلاد اتخاذ قرار كهذا، فلأن هناك احتمالا كبيرا للنجاح، واحتمالاً أكبر لأن يكون ملف "مضيق جبل طارق" حالة أخرى فريدة من نوعها، وإنجازاً آخر قد يزرع المزيد من الأمل والإقدام في نفوس أجيال حالية وقادمة.