أكيد أن إغراء الربح عن طريق الإنترنت لا يقاوم، فهو – على ما يبدو – سريع ولا يكلف مالا ولا جهدا كثيرا، فقط هاتف وحاسوب، أحدهما أو كلاهما، وإتقان مهارة أو اثنتين ثم انتظار دخول الدولارات إلى الحساب.
الأمر هكذا فعلا في المغرب؟ أم أن هناك من صوّره بهذا الشكل لغاية في نفس يعقوب؟
لو فتحت يوتوب فستجد نفسك أمام المئات من "اليوتوبرز" الذين يدعونك لتحقيق الربح السهل عن طريق هذه الوسيلة أو تلك، وقيامهم بذلك يعني أنهم حققوا الربح فعلا.
وهناك يطرح سؤال اجتماعي لا محيد عنه: منذ متى أصبحنا نكشف للآخرين طريق الربح والنجاح؟ ألم يكن الأصل دائما هو التنافس، وكل من استطاع تحقيق سنتيم زائد يختفي حتى عن أقرب المقربين؟ فهل نزلت علينا السكينة والإيثار فجأة؟ وأصبح المغربي يحب لأخيه الخير (وهذا ما نتمناه حقا)؟
المشكلة أن الطريقة التي يتم بها استعراض الثراء لدى أغلب اليوتوبرز أو المؤثرين بليدة نوعا ما، ولا توحي بأي إبداع، كالتقاط الصور داخل سيارة فاخرة، أو حتى استعراض الأوراق المالية.
وكلنا نعلم أن هذه الحركات هي أبسط ما يمكن القيام به، من خلال استئجار أو حتى اقتراض سيارة، أما أخذ الصور مع الأوراق المالية فأفقر شخص في المغرب يمكن أن يقوم به ولو لمرة واحدة.. إنها دلائل بائسة وحيل لا تنطلي حتى على الأطفال.
إذن، هل يحقق هؤلاء أرباحا فعلا أم أن الأمر لا يتعدى كونه نصباً وتوريطا، وأحيانا محاولة لكسب المال عن طريق جلب المشتركين، إما في القنوات أو في المواقع التي تدفع بضع سنتات عن كل مشترك يأتي عن طريق حسابات زبائنها؟
الحقيقة أن التجارة الإلكترونية هي بحر واسع جدا، وأصبحت حاليا تضم المتاجرة حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء متاجر وغيرها، إضافة إلى المتاجرة عبر أمازون وعلي بابا وغيرهما، وكذا مواقع الأسهم والمضاربات.
ما هو مؤكد جدا أن الربح ليس سهلا أبدا عبر كل هذه الطرق، ويتطلب مجهودا كبيرا وخبرة، وأحيانا رأسمال كبير.
قد يحدث أن يحقق أحدهم فعلا ربحا كبيرا بشكل مفاجئ، لكن الأمر لا يعدو كونه استثناء يؤكد القاعدة.
أخيرا، الربح السريع وهم، سواء كان بشكل مباشر أو أون لاين، وأي ربح حقيقي لا يأتي إلا بمجهود وعرق وتعب.. فلا تستسلموا لعناوين "كيف تصبح ثريا دون أن تفعل شيئا؟".. فهذا لا يحدث إلا في بلاد العجائب لدى أليس.