الشد والجذب ليس في صالح أحد، وينتهي دائما بنهايات لا منتصرَ فيها، إذا افترضنا أن النصر هو الهدف المرجوّ من أي صراع.
في حالة احتاجاجت طلبة الطب والصيدلة بالمغرب، هناك دائما ذلك الصراع الاعتيادي: الطلبة يحتجون للحصول على كافة حقوقهم من وجهة نظرهم، والحكومة ترى أن احتجاجاتهم "ليست بريئة".
يرى طلبة الطب أن "سنة بيضاء" هي أفضل بكثير من "مستقبل أسود" في قطاع الصحة، خصوصا بالنسبة للمواطنين.
وترى الحكومة أن تقليص سنوات الدراسة لا مفر منه، وأن الأمر يتعلق بــ"قرار سيادي" أملته الحاجة والظروف التي يعيشها القطاع في المغرب.
هكذا، يبدو أن الخلاف لن يكون له نهاية، أو، في أفضل الحالات، ستكون له نهاية غير مرضية لحد الطرفين، أو في غير صالح المواطن، الذي يفترض أن تحسين وضعه الصحي هو الهدف الأول والأخير.
ورغم المحاولات السابقة المبذولة من أجل إيجاد حل جذري، أو حتى مؤقت، للمشكل، فإنها لم تؤت أكلها، بل أدت أحيانا إلى تصاعد التشنج وزيادة تعقيد المشكل.
في مثل هذه الحالات، تكون الوساطة حلا فعالا فعلا، وربما جذريا للمشكلة، وهي المبادرة التي جاءت من طرف مجلس النواب من أجل محاولة إنقاذ الموسم الدراسي للطلبة، وتجنيبهم خطر السنة البيضاء، بعدما اقتربوا من إكمال شهرهم السابع من مقاطعة الدروس والتداريب.
تبني المبادرة مبدأها الأساس على عنوان بارز وهو "المصلحة الفضلى وإنقاذ السنة الدراسية"، وهذا هو الحل الوسط الذي قد يرضي الطرفين معا، مع تنازلات ضرورية من هنا وهناك.
التنازلات يقابلها الالتزامات المشتركة بين الطرفين، مع ضرورة "احترام هيبة الدولة" و"الالتزام بالقوانين"، كما يصفها أحد أعضاء هذه المبادرة.
من الصعب دائما تخيل تنازل طرف ما، هكذا فجأة، بعد شهور من الشنآن والشذ والجذب، دون تواجد وسيط يقرب المسافات ويزيل سوء الفهم، ولم لا يضغط قليلا هنا وقليلا هناك.
قد يرى البعض أن مجلس النواب قد لا يكون طرفا محايدا، وأنه سيميل إلى جهة الحكومة، لكنه في آخر المطاف يعتبر "وسيطا" وسيبذل جهده الكامل كي ينجح في هذه الوساطة، لأنه ستحسب له في الأخير، وليس للحكومة.
تم نقل مخرجات لقاء البرلمانيين مع الطلبة إلى الحكومة، إذن، مع أمل كبير بأن تكون هذه الخطوة هي الأخيرة في صراع دام شهورا طويلة وتضرر منه الطلبة كثيرا.