تحتل الدبلوماسية الرياضية موقعا هاما في السياسة الخارجية المغربية، بفضل الرؤية الملكية الهادفة إلى ترسيخ مكانة المملكة إقليميا وقاريا ودوليا، وخصوصا تعزيز التعاون جنوب – جنوب.
ويرى، عتيق السعيد، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن المملكة المغربية تمكنت، منذ تربع الملك محمد السادس على العرش، من جعل الدبلوماسية المغربية تتسم بالنجاعة العالية وتتطور بشكل ضمن لها توسعا و امتدادا أكثر، حيث شكلت الدبلوماسية الرياضية /الناعمة بعدا أساسيا في فكر الملك محمد السادس، واستراتيجية فعالة في مجال تعزيز موقع و صورة المغرب المعاصر/الجديد في العديد من القطاعات.
وباعتبارها كوسيط هام سريع ويسير للاستقطاب في شتى المجالات، جعل المغرب من الديبلوماسية الرياضية واجهة لإشعاع القاري و الدولي، وواحدة من استراتيجياته الخارجية المميزة للدفع بها كفضاء اجتماعي شعبي محفز على الانتعاش والنمو الاقتصادي والصناعي والسياحي من جهة، ومن جهة أخرى، كآلية ديبلوماسية لتعزيز مكانته وريادته في المحافل الدولية، ولاسيما قدرتها على تحصين المكتسبات الوطنية في مقدمتها قضية الصحراء المغربية وما تعرفه من اعترافات دولية مستمرة.
ووفق الباحث ذاته، فقد استثمرت بلادنا بشكل مستمر في الدبلوماسية الرياضية بفضل الرؤية الملكية التي تمثلت في رعايته الدائمة للأندية و المنافسات الرياضية سواء الوطنية، والقارية أو الدولية، وكذا ضخ العديد من الاستثمارات التنموية في المجال الرياضي إيمانًا منه بأن تطوير روابط الديبلوماسية الرياضية عبر العالم تخدم مخرجاتها بشكل كبير الأوضاع السياسية والثقافية والاقتصادية للشعوب بشكل عام و القضايا الوطنية بشكل خاص في سياق التحديات الكثيرة التي تواجهها أمم العالم، و بالتالي تعد استثمارات بالغة الفائدة على مستوى صورة المملكة وسُمعتها الدولية على المدى الطويل.
لقد أشبعت الديبلوماسية الرياضية الحاجة إلى تحقيق انتعاش اقتصادي وتنويع السياحة الرياضية التي تعد طريقة جديدة لجدولة السياحة بالدولة، بالإضافة إلى أهمية هذا النوع من الديبلوماسية/الناعمة في التفعيل الميداني لثقافة التعايش بين الأديان والسلام بين الشعوب، أخذا بعين الاعتبار أن بلادنا تتخذ من السلام وتعزيز الحوار بين الديانات شعارا أساسيا لها، لتكريس تفرد المملكة باعتبارها أرضا للتعايش المتنوع، والتلاقي المجتمعي، والتسامح بينها، والتفاعل بين مختلف الديانات، وهي كلها معايير جعلت المؤسسات الرياضية الدولية تمنح ثقتها و تقديرها للفاعلين المغاربة في مختلف المنظمات والهيئات القارية و الدولية، وفق الباحث المغربي دائما.
على الصعيد الإفريقي، فإن قدرة المملكة المغربية في أن تمتاز كبلد منتمٍ للقارة، معاصر وحاضن للأمن و الأمان المفضي إلى الوفرة والنماء و الرخاء في واحد من المجتمعات القارية التي تسودها العديد من المتغيرات و التحديات، هي كلها نقاط داعمة لحشد الدولة كل جهودها لنجاحها في هذا المجال الحيوي وبناء علاقات دولية واسعة النطاق لترويجها متينة تكون شعوبها بمثابة سفرائها في المكان و الزمان.