أصدر جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مذكرات حملت عنوان "كسر التاريخ: مذكرات البيت الأبيض"، كشف فيها عن الكثير من كواليس صناعة القرار في واشنطن.
كما تحدث كوشنر في جزء كبير من مذكراته عن المغرب، والصحراء المغربية، وبعض تفاصيل الاتفاقية بين المغرب وإسرائيل.
وعرّج كوشنر على بعض التفاصيل والأوصاف المتعلقة بكل من الملك محمد السادس وولي العهد مولاي الحسن، مبديا إعجابه الشديد بهما على أكثر من مستوى.
الملك أنيق.. ومولاي الحسن رزين
عبّر كوشنر عن إعجابه بنضج ولي العهد مولاي الحسن، وذلك خلال مجالسته في إحدى المأدبات الملكية.
ووصف كوشنر ولي العهد، في مذكراته الصادرة أخيرا بعنوان "كسر التاريخ: ذاكرة البيت الأبيض" بأنه يبدو شخصا أكبر من عمره الحقيقي، مبديا إعجابه الشديد بشخصيته وبطريقته في التصرف.
ولفت المستشار الأمريكي السابق الانتباه إلى الدفء الواضح في العلاقة بين الملك محمد السادس وولي عهده، ولقدرة هذا الأخير على الانتباه والمشاركة بشكل فعال في النقاشات.
كما قارن كوشنير بين الأمير مولاي الحسن والكثير من أبناء الشخصيات المرموقة "الذين يغيب عنهم هذا النضج للظهور بمظهر لائق في المناسبات الرسمية".
ووصف كوشنر الملك محمدا السادس بأنه ينحدر من سلالة عريقة جدا من الزعماء العلويين الذين ينتمون إلى أسرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "والنتيجة هي أن هذا الملك لديه مصداقية كبيرة في العالم الإسلامي وهو رئيس لجنة القدس التابع لمنظمة التعاون الإسلامي".
وزاد "عندما كنت أحضر للسفر حدثني خبراؤنا المكلفون بالشؤون الخارجية عن شعبية الملك وعن كونه رجل أعمال وصاحب نشاطات تجارية وأنه سيريد الحديث عن موضوع سيادة المغرب على الصحراء".
ووصف كوشنر مكتب الملك محمد السادس، في إحدى لحظات انتظاره للقائه قبل توقيع الاتفاقية مع إسرائيل، بأنه "عبارة عن غرفة كبيرة مغطاة بألواح خشبية تفوح منها رائحة البخور، ومزينة بأقمشة دمشقية مذهلة".
وأضاف "كان هناك صفان أنيقان من الكراسي يواجهان بعضهما البعض، جانب للمسؤولين المغاربة والآخر لي، ولآفي ، بوهلر، ومئير بن شبات. جلس الملك محمد السادس في منتصف الغرفة أمام لوحة جدارية ضخمة تبرز شجرة عائلته، والتي تعود إلى عهد النبي محمد".
كما قال كوشنر عن الملك إنه "اشتهر بذوقه المثالي، وكان يرتدي بذلة سوداء مفصّلة بعناية، وقد رحب الملك بي بحرارة قدر استطاعته، مع الالتزام ببروتوكولات COVID-19 الصارمة".
امتنان للمغرب واعتراف بسيادته على الصحراء
كتب المستشار الأمريكي السابق عن لحظة حضوره إلى المغرب "كانت سعادتي كبيرة عند وصولي إلى الدار البيضاء، حيث رأيت هناك صديقي العزيز الحاخام دافيد بينطو، والذي ساعدني خلال كل منعطفات حياتي لأجد القوة اللازمة في الإيمان والعلاقة مع الله، وهو يهودي فرنسي من أصل مغربي، وكان يردد أنه كل يوم يدعو الله أن يحفظ ملك المغرب محمد السادس، ولا ينسى أبدا الموقف البطولي لجده السلطان محمد الخامس خلال الحرب العالمية الثانية عندما رفض الانصياع لطلب السلطة الفرنسية وهي موالية للنازيين أن يسلمهم اليهود المغاربة فرفض رفضا قاطعا بقوله"ليس هناك عندنا مواطنون مسلمون ومواطنون يهود بل يوجد فقط مواطنون مغاربة".
زوال ذلك اليوم، يضيف كوشنر، "أخبرني الملحق بالقنصلية الأمريكة بالدار البيضاء أن الملك يدعوني على العشاء مساء ذلك اليوم مع شخصية أخرى في إقامته الخاصة وهذا تشريف استثنائي لأنه عادة يستقبل ضيوفه في القصر الملكي".
وأضاف "كان الشهر آنذاك هو شهر رمضان فوصلت عند وقت غروب الشمس برفقة جيزون غرينبلاط إلى باب الإقامة فرافقنا المرافقون إلى مكان مأدبة العشاء قرب المسبح لنجد طاولة عليها ما لذ وطاب من الطعام حسب التقاليد اليهودية وتقاسمنا مع الملك طعام الإفطار فشكرته شكرا جزيلا على عنايته الفائقة وخاصة زيارة المقبرة في الصباح".
وكشف كوشنر أنه استمع في ذات الليلة إلى عرض الملك حول موضوع الصحراء، معترفا أنه صار بعدها أكثر اقتناعا أن اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه" أمر ضروري وهو السياسة السليمة".
كما أبرز في مذكراته أن العائق الرئيسي "كان هو السناتور الجمهوري، جيمس إينهوفي، الرئيس السابق للجنة القوات المسلحة"، المعروف بمواقفه "المؤيدة للانفصال"، قبل أن "يتم العثور أخيرا على حل وسط بشأن مسائل السياسة الداخلية الأمريكية بين البيت الأبيض والمسؤول المنتخب"".
التطبيع والتصويت ضد المغرب في كأس العالم
بخصوص الاتفاقية بين المغرب وإسرائيل، استعرض كوشنر في مذكراته كواليسها، التي كان هو عرّابها الأبرز، مشيرا إلى إن الاتفاق بين المغرب وإسرائيل كاد أن يلغى في آخر لحظة.
وأبرز أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يكن يرغب بمجرد مكتب اتصال، وإنما بسفارة إسرائيلية في المغرب، وهو الاقتراح الذي رفضه المغرب تماما، لدرجة التهديد بالإلغاء التام للاتفاق.
كما كشف كوشنير عن كواليس التصويت ضد ملف ترشح المغرب لاحتضان مونديال 2026، مشيرا إلى تدخله لدى السعودية من أجل التصويت لصالح الملف الثلاثي المشترك: أمريكا وكندا والمكسيك.
وحسب ذات المذكرات، فإن تدخل كوشنر جاء بتوجيه من ترامب، الذي طلب منه الاتصال بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من أجل ضمان تصويت المملكة لصالح ملف بلاده المشترك مع كندا والمكسيك، مضيفا أنه بهذا الدعم تحقق لترامب انتصار دبلوماسي واقتصادي.
ووفق المعطيات الواردة في الكتاب ذاته، فإن الدول العربية التي صوتت لصالح الملف الثلاثي المشترك، وهي حسب مذكرات كوشنر: السعودية والبحرين والإمارات والعراق والأردن والكويت ولبنان.
بالمقابل، صوتت لصالح ملف المغرب الدول العربية التالية: الجزائر، قطر، مصر، فلسطين، تونس، سلطنة عمان، اليمن، السودان، موريتانيا، سوريا، ليبيا، جيبوتي، الصومال، جزر القمر.