لم تكن سوى رصاصة فارغة تلك التي أطلقها المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، بعد أن طالب شركة "أديداس" التي صممت أقمصة المنتخب الجزائري بالتوضيح بخصوص التصميم الذي ينهل من فسيفساء الزليج المغربي.
لأن السؤال الذي كان ينبغي أن يطرح حقا قبل اتخاذ هذه الخطوة هو: هل الوقت مناسب لدخول هذه "المعركة" وخلق هذا الجدل؟
المنطق يقول أن الجواب هو: لا. والسبب بسيط وواضح، يمكن أن نستشفّه بسهولة كبيرة من الخطاب الملكي في عيد العرش، والذي أهاب فيه الملك باحترام قيم حسن الجوار، وتغليب منطق الحكمة.
والتوجيهان الملكيان يمكن أن يتم الركون إليهما في أكثر من موقف، بحيث يتم تجنب أي احتكاك من شأنه خلق خلاف جديد، قد يبدو ظاهريا بسيطا، لكنه بالتأكيد لن يخلّف سوى المزيد من الشحناء وتبادل الاتهامات بين الجيران والأشقاء، الذين حثّ الملك وأكد أنه لا مجال لإشعال نار الفتنة معهم.
وبغض النظر عن كون القضية تستحق أن يقام لها ويقعد، وأن ترفع من أجلها دعوى قضائية، فإننا، في كل الأحوال، سنكون أمام احتمالين:
الاحتمال الأول: أن تربح الوزارة القضية فعلا، وتتراجع أديداس عن التصميم.. ونتيجته هي المزيد من النقاش والفتنة.
الاحتمال الثاني: أن تخسر الوزارة، وبالتالي ستكون الوزارة موضعَ سخرية، ولا يمكن أن نلوم الجيران حينها لأن الدوائر تدور على الباغي.
طبعا، للوزير المهدي بنسعيد حساباته، وأول هذه الحسابات "البوليميك" الأخير الذي ورطه فيه ضيف مهرجانه الإفريقي، مؤدي فنّ الراب "طوطو"، الذي أطلق لسانه بالكلام النابي من فوق المنصة أمام مئات الآلاف، معترفا قبل ذلك بتدخينه الحشيش بكل صفاقة، وبأن ذلك "أمر عادي".
وكان لا بد من تخفيف ضغط هذا النقاش، وتحويل الانتباه إلى وجهة أخرى، وليس هناك وجهة أفضل من الجزائر، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي التي تدور فيها أغلب النقاشات، ليتحول الأمر من "فضيحة طوطو" إلى "قميص أديداس".
وفي كل الأحوال، فإن الأمور لا تأخذ بهذا الشكل، والخطابات الملكية ليست مجرد كلام مناسباتي، بل خارطة طريق لكل مواطن، ولكل مسؤول، وعلى رأس كل هؤلاء الوزراء ولا شك.